اخبار الخليج العربي

kandil

هل ستتأثر السعودية بقرار ترامب بفرض رسوم على واردات الحديد والألومنيوم للسوق الأمريكية؟

الأحد 01 أبريل 2018 11:23 صباحاً المشاهدة(739)

أثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مطلع شهر مارس الحالي بفرض رسوم حمائية على واردات السوق الأمريكية من منتجات الحديد بنسبة 25% والألمنيوم بنسبة 10% حفيظة بعض الدول، وغضب دول أخرى، على رأسها البرازيل، كوريا الجنوبية، اليايان، الاتحاد الأوروبي، أستراليا، الصين الشعبية، تركيا ودول أخرى، فيما استثنى القرار كلاً من كندا والمكسيك فقط. ومن اللافت أن ترامب لم يلجأ إلى القنوات الدولية المشروعة لمكافحة الإغراق والمنصوص عليها في منظمة التجارة العالمية وتسري على جميع الأعضاء، بل استخدم مادة في الدستور الأمريكي خاصة بالحفاظ على “الأمن القومي” كمبرر لفرض رسوم الحماية، بحجة أن تهديد صناعة الحديد الوطنية الأمريكية يعتبر بمثابة تهديد للأمن القومي الأمريكي.
 
 
من الواضح  أن الدول الأكثر تأثراً وتضرراً من القرار ستكون تلك التي تتمتع بفوائض إنتاج من الحديد والصلب كالبرازيل، الصين الشعبية، الهند، كوريا الجنوبية، اليايان، تركيا روسيا، أوكرانيا، فيتنام … وآخرين، وهم الذين اعتادوا أن يصدروا للولايات المتحدة الكثير من فوائض إنتاجهم.
 
 
وهذه الدول من المتوقع أن تلجأ إلى قانون فض المنازعات التجارية في منظمة التجارة العالمية لرفض القرار والدفع لإلغائه، وهو ما فعلته دول سابقاً على زمن بوش الإبن حين قرر فرض رسوم على واردات الصلب، واضطر لإلغائه بعد ثمانية عشر شهراً من تطبيقه.
 
 
وفيما يتعلق بمدى تأثير القرار تحديداً على صادرات المملكة العربية السعودية من منتجات الحديد والألمنيوم للولايات الأمريكية المتحدة ، فإن البعض قد يرى أن قرار الرئيس الأمريكي ترامب ليس من المتوقع أن يكون له تأثير سلبي ذو أهمية على الصادرات السعودية بسبب محدودية هذه الصادرات  في الوقت الحاضر التي بلغت ما يقارب 150 ألف طن عام 2017م، خاصة من أنابيب الحديد غير الملحومة ومسطحات الحديد المجلفنة والملونة، وهي منتجات يحظى بعضها بفائض إنتاج محلي كبير. لكن تمشياً مع رؤية المملكة 2030 وتشجيع الصادرات، فإن المصانع السعودية تراهن على تطوير تصدير كميات أكبر من هذه المنتجات للسوق الأمريكية التي كانت تتمتع بأسعار عادلة إذا ما قورنت مع بقية أسواق العالم الأخرى المُغرَقة بالواردات، وتحديداً بسبب صادرات دول شرق آسيا مثل الصين، كوريا الجنوبية، تايوان، وفيتنام، كذلك بعض الدول الأخرى مثل الهند، البرازيل، روسيا، أوكرانيا، وتركيا التي حدّت صادراتها من قدرة مصانع الحديد السعودية على التصدير. وفي مجال منتجات الألمنيوم، فإن حجم التأثير من المتوقع أن يكون كبيراً حال اكتمال تطور طاقة إنتاج الألمنيوم في المملكة الذي خُطّط لها لتكون الأكبر على مستوى المنطقة، والتي بدورها وضعت في حساباتها الرهان على التصدير للسوق الأمريكية التي تستورد أكثر من 90% من احتياجها من منتجات الألمنيوم والتي تقدر بحدود 5.8 مليون طن سنوياً.
 
 
وفي تعقيبه على قرار ترامب، أفاد المهندس / رائد العجاجي، رئيس اللجنة الوطنية لصناعة الحديد الوطنية – المنبثقة عن مجلس الغرف السعودية – بأن مخاوف صناعة الحديد السعودية الحقيقية من هذا القرار تكمن في أن الدول التي اعتادت تصدير جزء كبير من فوائض إنتاجها للسوق الأمريكية، ولكونها ستكون الأكثر تضرراً حيث ستتقلص قدراتهم التصديرية بشكل لن يكون مقبولاً لهم، فإنهم سيبحثون فوراً عن أسواق بديلة لتصدير فوائض إنتاجهم، ولتعويض عجز التصدير للسوق الأمريكية.
 
 
وتتخوف الشركات الصناعية السعودية العاملة في مجال الحديد والصلب، من أن هذه الدول ستستهدف الأسواق التي تفتقد إلى تطبيقات الحماية، إضافة إلى انخفاض الرسوم الجمركية فيها، ومن المؤكد أن تجد هذه الدول ضالتها في أسواق منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً منطقة الخليج، وستكون السوق السعودية الأكثر استهدافاً لكونها الأكبر في المنطقة من جانب، ولكونها تفتقد بشكل لافت إلى أية إجراءات أو تطبيقات حمائية، مما يجعلها سوقاً خصبة ومغرية للإغراق من قبل الدول التي لن تكل حتى تجد منافذ بديلة لتصدير فوائض إنتاجها.
 
 
وقال العجاجي، إن تقريراً صدر عن مركز أبحاث السیاسات الاقتصادیة بلندن في شھر یونیو2016م، أشار إلى أن أقل دول العشرین تطبیقاً لقوانین الحمایة المشروعة ھي المملكة العربیة السعودیة، حیث لم تقم بفرض أي رسوم حمائیة ضد أي واردات منذ انضمامھا لمنظمة التجارة العالمیة في حین أنھا تلقّت قضایا عدیدة موجھة ضدھا. وإن التأخير والتباطؤ في اتخاذ إجراءات الوقاية التي من شأنها أن تعمل على حماية صناعاتنا ومنتجاتنا الوطنية من الإغراق والممارسات الضارة في التجارة الدولية، أصبح يشكل تهديداً حقيقياً لصناعاتنا الوطنية التي ستكون مرشحة للتساقط واحدة تلو الأخرى. وهو ما يتطلب اتخاذ إجراءات وتدابير وقائية سريعة، تحمي صناعاتنا ومنتجاتنا الوطنية من المنافسة غير العادلة، وذلك عبر تفعيل الأدوات المتاحة من الجهة المعنية بتمثيل مصالح المملكة في منظمة التجارة العالمية.
 
 
وأشار العجاجي إلى أن أسواق المملكة شهدت خلال السنوات الأخيرة ممارسات إغراق في منتجات عديدة، وعلى رأسها منتجات الحديد والصلب التي عانت صناعاتها أيما معاناة، ولكونها صناعة استراتيجية يعوّل عليها كثيراً للمساهمة في تحقيق رؤية المملكة 2030، فهي تحتاج فعلاً لاتخاذ إجراءات حازمة وفورية لحمايتها من المنافسة غير العادلة، إلا أن التعامل ملف مكافحة الإغراق والممارسات الضارة في التجارة الدولية لا يزال بطيئاً، ولا يرتقي إلى مستوى التحديات التي من شأنها أن تهدد بقاء ومستقبل الصناعات الاستراتيجية خصوصاً، والصناعات السعودية عموماً. وضرب العجاجي مثلاً فقال: إن تجربة شركة سعودية في أول قضية تم رفعها على مستوى الخليج في مارس 2016م بموجب قوانين منظمة التجارة العالمية والقانون الخليجي الموحد لمكافحة الإغراق، للوقاية من الزيادة في واردات مسطحات الحديد الملونة، كانت تجربة مريرة بكل المقاييس رغم عدالتها. فقد ازدادت الواردات من هذا المنتج بشكل حاد وكبير وغير مبرر في السنوات الأخيرة، فوصلت إلى ما يزيد على 180 ألف طن سنوياً، في حين أن حجم استهلاك السوق بحدود 230 ألف طن سنوياً، علماً بأن الطاقات الإنتاجية المحلية تبلغ 380 ألف طن سنوياً. وقد سيطرت الواردات على حوالي 80% من حجم استهلاك السوق رغم وجود فائض في الإنتاج المحلي يزيد على 65%، مما تسبب في انخفاض نسبة التشغيل في المصانع السعودية إلى 22% من أصل الطاقة الإنتاجية المتاحة، وهي حالة أقل ما توصف بالكارثية.
 
 
وبالرغم من انتهاء التحقيق في قضية الوقاية ضد واردات مسطحات الحديد الملونة، وصدور التقرير النهائي من سلطة التحقيق الذي أقرّ بوقوع ضرر جسيم على الصناعة الوطنية، وحيث أوصى التقرير في أبريل 2017م بفرض رسوم وقائية لحماية الصناعة الوطنية، إلا أن القرار بقي عالقاً بدون تطبيق حتى اللحظة، وهي حالة فريدة لم تحدث في أي مكان في العالم، فمن المعروف أنه بمجرد انتهاء التحقيق والتوصية بفرض رسوم، فإنه يتم تطبيق القرار في غضون أيام معدودة، إلا عندنا، لا يزال تطبيق توصية سلطة التحقيق في أول قضية وقاية على مستوى الخليج يعيش مخاضاً غير مبرر منذ ما يقارب سنة.
 
وأفاد عبدالعزيز بن شاهين الدوسري، مدير وحدة أنابيب الحديد المنبثقة عن اللجنة الوطنية لصناعة الحديد، بأن صناعة الأنابيب غير الملحومة شهدت، ولا تزال، معاناة شديدة من الإغراق تسببت في انخفاض نسبة الإشغال إلى حدود لا يمكن تحمّلها، عوضاً عن أن الطاقة الإنتاجية فيها فائض يزيد على 30% عن حاجة السوق المحلية. وتطالب المصانع الوطنية اتخاذ إجراء حمائي جزئي برفع نسبة الرسوم الجمركية من 5% إلى الحد الأقصى المسموح باتفاقية انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية البالغ 15%، وهو أقل ما يمكن عمله لمساعدة هذه الصناعة الوطنية على الصمود الجزئي أمام فرط الواردات، علماً بأن صناعة الأنابيب غير الملحومة اضطرت مؤخراً للجوء إلى رفع قضية إغراق ضد مصدّرين أغرقوا السوق السعودية بمنتجاتهم. وحيث أن قضايا الوقاية والإغراق تأخذ وقتاً طويلا للوصول إلى قرار نهائي، فإن صمود الصناعات الوطنية المتضررة يتوقف حتماً على تقديم الدعم اللازم لها من الجهات المسؤولة بالقدر المطلوب، وضمن الوقت اللازم.
 
 
وحول وضع صناعة حديد التسليح الوطنية، أفاد نائب رئيس اللجنة الوطنية لصناعة الحديد، عبدالعزيز الهديب، بأن وضع صناعة حديد التسليح الوطنية شهدت معاناة كبيرة على مدى السنوات الأخيرة، أدت إلى تخفيض عمليات التشغيل في أغلبها إلى ما دون 50%، ويعود ذلك إلى توفر طاقات إنتاجية محلية تبلغ 12.5 مليون طن، في حين أن حجم الطلب انخفض إلى حدود 6.3 مليون طن فقط، مع استمرار دخول واردات بشكل لافت، مما عقّد المشهد وزاد من صعوبة الموقف. وأفاد الهديب أن صناعة حديد التسليح الوطنية تحتاج لإجراءات وقائية عاجلة لحمايتها من ظروفها الصعبة التي قد تصل ببعضها إلى حد الانهيار. وقال الهديب أن إجراءات الحماية المأمولة تكمن أولها في الإسراع برفع الرسوم الجمركية على قضبان حديد التسليح من 5% إلى 15% والحد الأقصى المتاح باتفاقية المملكة مع منظمة التجارة العالمية، ورفعها على لفات حديد التسليح من 5% إلى الحد المتاح البالغ 20%. وثاني الإجراءات المأمولة هو القيام بحملات تفتيشية فاعلة على المصانع الصغيرة التي تقوم بتصنيع حديد تسليح لا يطابق المواصفات الوطنية، ويتسبب في فرض منافسة غير عادلة مع المصانع الوطنية الملتزمة.
 
 
وعزى العجاجي أن معاناة صناعة الحديد الوطنية خصوصاً، والصناعات الأخرى عموماً، تتطلب تحرك عاجل من الجهات المعنية لتقديم الدعم اللازم لقضايا الإغراق والوقاية التي قامت بها مصانع وطنية متضررة، وهي القضايا التي أصبحت الشغل الشاغل للعالم كله، بدليل أن صناعة الحديد أصبحت البند الوحيد الذي يُدرج على أجندات اجتماعات دول العشرين الدورية، وأن تقريراً صدر عن منظمة التجارة العالمية في فترة سابقة أشار إلى أن 8 من أصل كل 10 قضايا إغراق ووقاية هي قضايا تتعلق بمنتجات الحديد.
 
 
وأنهى العجاجي قائلاً بأنه وبالرغم من الإغراق الحالي الذي تشهده صناعة الحديد الوطنية السعودية، والمعاناة الكبيرة التي تعانيها جرّاء المنافسة غير العادلة، إلا أنه على ما يبدو أن طوفاناً جديداً مرعباً من الإغراق لمنتجات الحديد سيصل أسواقنا قريباً، وذلك كنتيجة حتمية لقرارالرئيس الأمريكي ترامب، الذي لم يتحرّج حين قرر اعتبار صناعة الحديد الوطنية الأمريكية بمثابة خط أحمر، وأن المساس بها يمس الأمن القومي الأمريكي. وأكد العجاجي أن صناعاتنا الوطنية الاستراتيجية تشكل لنا أيضاً أمناً قومياً كما هو للآخرين، وأصبح حمايتها واجباً وطنياً لا مفرّ منه، ولا يحتمل التأخير. وفيما تساءل العجاجي: هل يمكن لرؤية المملكة 2030 حماية الصناعة السعودية؟ عبر عن تفاؤله بأن الجهات المسؤولة المعنية بدأت مؤخراً تتنبه لحجم مخاطر الإغراق على الصناعة الوطنية، وتمنى أن لا يطول وقت اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية الصناعة الوطنية، وهي التي يعوَّل عليها الكثير لدفع عجلة التنمية الاقتصادية، وتحقيق تنويع مصادر الدخل الذي تهدف إليه الرؤية أساساً.
 
جدير بالذكر أن اللجنة الوطنية لصناعة الحديد قد تشكلت حديثاً لتمثيل دورتها الثانية لمدة 3 سنوات كلجنة وطنية استراتيجية تُعنى بقطاع صناعة الحديد الوطنية، وهي تعمل بشكل مكثف وضاغط لدعم وتطوير صناعة الحديد، والارتقاء بها إلى المستوى الذي تستحقه مكانة المملكة، ولتعكس حضورا للمملكة يتناسب مع كونها العضو الوحيد من المنطقة في دول العشرين.
 
 
.............................
اللجنه الوطنيه لصناعه الحديد



داخلي اخبار
soy
العالمية - اسفل الاخبار
شريف ستيل- الاخبار

اخبار متعلقة

الخليج العربي: دول الخليج تعيد ترتيب أوراقها بعد الرسوم الأمريكية للصلب
المشاهدة(997)

أعاد قرار فرض ضريبة بنسبة 10 في المائة على واردات حديد التسليح ولفائف الحديد المستورد لمدة عام، ترتيب أوراق السوق الخليجية بعد ..... المزيد

الخليج العربي: 120 مليون دولار تكلفة الرسوم الأمريكية لمصدري الألمنيوم الخليجيين سنويا ً
المشاهدة(983)

قال محمود الديلمي؛ الأمين العام للمجلس الخليجي للألمنيوم، إن الرسوم الحمائية الأمريكية ستكلف مصدري الألمنيوم الخليجيين نحو  ..... المزيد

الخليج العربي: مجلس التعاون: 10%ضريبة خليجية على حديد التسليح ولفائف الحديد المستورد لمدة عام
المشاهدة(981)

وافقت دول الخليج على تطبيق ضريبة على حديد التسليح ولفائف الحديد المستورد بنسبة 10 في المائة لمدة عام، بهدف ..... المزيد

اضف تعليق